Saturday, February 6, 2010

التنازلات الاسرائيلية المؤلمة ... بقلمي المجاهد


التنازلات المؤلمة !
الموضوع: من مقالاتي السياسية

أطرف ما في الموقف "الإسرائيلي" يتمثل في حديث هذا العدو، عندما يخوض المفاوضات مع أي بلد عربي، كما جرى
مؤخراً مع سوريا، وهي مفاوضات غير مباشرة تمت من خلال تركيا، عن "تنازلات مؤلمة" سوف تقدم عليها "إسرائيل" إذا ما تم التوصل إلى اتفاق.

هدف "إسرائيل" من وراء ذلك الظهور أمام العالم كأنها تعمل من أجل السلام، وهي في سبيل تحقيق هذا الهدف مستعدة للتضحية وتقديم "تنازلات مؤلمة"، وعلى الطرف الآخر مجاراتها والقيام بالمثل.

هذه الألعوبة "الإسرائيلية" التي تصدّقها الدول الغربية بحكم ما بينها وبين الكيان من مفاهيم وقيم مشتركة، باعتبار ما تمثله "إسرائيل" من وظيفة ومصلحة مشتركة في المنطقة منذ نشوء المشروع الصهيوني ومن ثم تحقيقه، هي في حقيقة الأمر تدليس على الحقيقة ونفي للشرعية الدولية وتكريس لمبدأ القوة و"البلطجة" على حساب الحق.

ف"إسرائيل" كيان توسع وعدوان وعنصرية منذ أقيمت، وقد احتلت فلسطين بفعل مؤامرة بين الصهيونية العالمية والاستعمار الغربي، ثم احتلت أراضي بعض الدول العربية من بينها مرتفعات الجولان بدعم غربي.

والذي يسمع قادة الكيان يتحدثون عن "تنازلات مؤلمة" يعتقد أن مرتفعات الجولان هي أرضهم فعلاً، وأنهم إذا ما انسحبوا منها إنما يتخلون عما يمتلكون وليس عما يحتلون.

وهي أرض صدرت بشأنها عشرات القرارات الدولية التي ترفض احتلالها وتدعو إلى الانسحاب منها بلا قيد أو شرط. لذا إذا ما أعادت "إسرائيل" مرتفعات الجولان، إنما تعيد الحق إلى أصحابه بموجب قرارات الشرعية الدولية، وهي بذلك لا تقدم شيئاً من كيسها، ولا تتنازل عن حق لها، لكن "التنازلات المؤلمة" الفعلية هي ما يقدمه الطرف الآخر لها تطبيقاً لمبدأ "الأرض مقابل السلام"، حيث يتم الاعتراف بكيان غير شرعي والقبول به كأمر واقع.

والأهم والأخطر من هذا كله أن هذا الاعتراف يعني الاعتراف الضمني باحتلال جزء من فلسطين والتنازل عن حقوق وطنية وقومية وتاريخية ودينية. "التنازلات المؤلمة" هي التنازلات العربية بما تعنيه من تطبيع شامل وإسقاط للصراع العربي - "الإسرائيلي" وقبول بعدو قومي ومنحه الشرعية الرسمية.

لذلك فإن حديث قادة الكيان المتكرر عن "تنازلات مؤلمة" يقصد بها حمل العرب على الإذعان لشروطهم، ووضع حد نهائي لأية مقاومة أو ممانعة ترفض الأمر الواقع "الإسرائيلي" أو تسعى إلى تغييره.

مهما يكن من أمر، فالكيان الصهيوني لا يرغب في تسوية أو سلام، والمفاوضات التي يريدها، سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة، إنما هي لكسب الوقت وفرض المزيد من الأمر الواقع، لأن طبيعته العدوانية التوسعية والإلغائية تتعارض مع السلام، ومع كل ما له علاقة بشيء اسمه حقوق أو شرعية.